متابعة-رشا حافظ
رواية ناريا، رواية رمزية سياسية، تستمد عناصرها من الاساطير الشرقية، وتتناول قضية استغلال المعتقدات الدينية في السيطرة على الشعوب، والتحكم في مصيرها، وشن حروب دموية باسم الدين وباسم نصرة الإله، وكيف تصبح المعتقدات الخرافية أساسا لنظام الحكم في الدولة الدينية.
تدور أحداث القصة حول الكاهن “ينماخو” الذي كان يتظاهر بالرحمة وحبه لنصرة شعب ناريا على المللك، فينقلب على الملك ويستولي على الحكم متخذا خرافة “ظل الإله دموزي” ليمنح نفسه السلطة المطلقة للحكم باسم الله فهو روح الإله وظل في الأرض ويحق له أن يفعل ما يشاء، فيتحول إلى طاغية يقتل كل من يعارضه أو يقف في طريقه.
وأول جريمة يرتكبها بعد الانقلاب وقتله الملك ، القيام بالقضاء على صوت العقل والحكمة المتمثلة في إعدام ” إيليم” الحكيم فالرواية تبدا بمشهد الإعدام للحيكم، الذي يرمز إلى الحكمة والعقل ، فكأن ينماخو أراد أن يقضي على الحكمة والعقل عندما أعدم رمزها وممثلها إيليم الحكيم، ويبعث برسالة إلى شعب ناريا بأنه هو الحاكم المطلق الذي يمثل ظل الإله في الأرض معتمدا على خرافة “ظل دموزي” ، وعندما تكون الخرافة أساسا لنظام الحكم فحينها يجب القضا على صوت الحكمة والعقل.
وبعد إعدام إيليم الحيكم ينشأ صراع بينه وبين بعض الشباب الذي يسعى إلى التغيير بقيادة الشاب الثائة “نسحو” الذي يرمز إلى التنوير وإحقاق صوت العقل ، ويرفض الثورات الدموية ويحث على التغيير من خلال التنوير و نشر الحكمة بين الشعب إلى درجة أنه يضحي بنفسه في سبيل نشر نور الحكمة في مواجهة الظلام والظلم، لينتصر الشعب في النهاية ، وتنتصر الحكمة على الجهل، والعقل على الخرافة.
وتتكون الرواية من مقدمة وخاتمة وبينهما خمسة وعشرون فصلًا قصيرًا، حملت المقدمة عنوانًا مقصودًا هو “أفول شمس الحكمة”، وجاءت الخاتمة تحت عنوان مقصودٍ آخر هو “بزوغ فجر جديد”، أما الفصول فلم تحمل عناوينَ بل أرقامًا.
وكتبت حول الرواية العديد من الدراسات النقدية والقراءات الأدبية للنسخة العربية من الرواية التي لاقت اشادة من عدد الأدباء والنقاد العرب حول مضمون الرواية وقوتها المتثلة في رمزيتها السياسية والدينية ونقدها لقضايا سياسية معاصرة باسلوب أدبي رمزي قريب من رواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل.